يبحث كل منا عن السعادة، عن الفرح ، عن البهجة والسرور. كثيرا ما نصرف معظم وقتنا في مشوار البحث عن هذه السعادة. ولكننا غالبا ما نبحث عن السعادة خارج أنفسنا. سأكون سعيدا إن زاد وزني أو ساكون سعيدا إن خف وزني، سأكون سعيدا عندما أحصل على هذه الوظيفة، سأكون سعيدا عندما أشتري هذا الشيء، سأكون سعيدا عندما يصادقني هذا الشخص، سأكون سعيدا إذا تزوجت، سأكون سعيدا إذا رُزقت بطفل، سأكون سعيدا إن كنت أطول قامة أو إن كنت أقصر قامة
نقيس السعادة بموازين مادية ، نبحث عن السعادة خارجنا ونضع لها معايير خارجية . معايير وضعها غيرنا أو اخترناها بأنفسنا بناء على المجتمع الذي يحيط بنا. ونمضي معظم وقتنا أولا في إيجاد ذلك الشيء الذي يتمركز فيه سعادتنا وبعد أن نجده نمضي ما تبقى من وقتنا في محاولة الوصول والحصول على ذلك الشيء. نبحث عن السعادة خارج قلبنا ونبحث عن السعادة وكأننا لم نملكها أبدا، وكأنهناك حفرة عميقة في قلبنا نحتاج أن نملأها بهذا الشيء حتى نشعر بالفرح. ولأن لا شيء خارجي يردم الحفرة في قلبنا، نزداد حزنا، ونُسرع بخطواتنا أكثر وأكثر حتى نجد السعادة، حتى نُوقف الحفرة في قلبنا من أن تكبر وتكبر، ونبحث في كل زاوية تقع خارجنا وفي كل مكان ومع كل انسان عن السعادة التي يمكنها أن تغطي الحفرة في قلبنا، ولا نعلم لماذا نفشل مع كل الجهد الذي نبذله، ولماذا نزداد حزنا ويأسا ولماذا رغم حصولنا على أشياء كثيرة اخترناها مقياسا لسعادتنا، لماذا رغم ذلك، لم نجد السعادة
معظمنا نملك آماني نتمنى أن نحققها في رحلة حياتنا في هذه الدنيا. ربما نجحنا في تحقيق بعض أمانينا وربما فشلنا في تحقيق البعض الآخر، وربما مازلنا نحاول تحقيق تلك الأماني التي لم نستطع تحقيقها إلى الآن. رحلة الأماني تلد مع الانسان لحظة ولادته، في البداية تكون الأماني أماني الآخرين لنا عندما نولد، وبمرور الأيام نتبنى أماني الآخرين لنا لتتحول هذه الأماني إلى أمانينا نحن لأنفسنا. ونكبر في العمر، سنة تمضي خلف الأخرى، وتزداد أمانينا وتكبر معنا. ولكن في كثير من الأحيان، تتحول هذه الأماني إلى سلاسل تقيد سعادتنا لأننا نؤجل احساسنا بالسعادة إلى حين تحقيق هذه الأمنية أو ذاك. وفي كثير من الأحيان، نختار لأنفسنا أمانِ الآخرين لنا دون أن نتحقق من صلاحيتها لنا . أتمنى أن تصبح غنياًّ، فنختار الغنى أمنية لنا، أتمنى أن تصبح مشهورا، فنختار الشهرة أمنية لنا، أتمنى أن تتزوج، فيصبح الزواج أمنيتنا ، أتمنى أن تتعلم تسلق الجبال، لنجعل تسلق كل جبل نراه هدفا نسعى لتحقيقه. هذه أمثلة افتراضية لأمانٍ افتراضية، ولكنها تساعدنا كي ندرك كم نضيع العمر في تحقيق أمانٍ هي ليست في الواقع أمانيننا. هذه الأمثلة تساعدنا كي نخفف من هرعنا في سباق تحقيق الأماني. كثير من الأماني اختارها الآخرون لنا، كثير من الأماني اخترناها لأنفسنا لنرضي بها اناس يهمنا رضاهم عنا، وكثير من الأماني نتشبث بها لأن مجموعة كبيرة من الناس تتبع هذه الأماني وتتشبث بها، فنقيد أنفسنا في دائرة تبعية الآخرين
الأماني تنبع من داخل الانسان وليس من خارجه، وكي نستطيع أن نرى بوضوح تلك الأمنية وتلكم الأماني التي تسكن في أعماقنا نحتاج إلى أن نخلو بأنفسنا، أن نستمع إلى قلبنا، أن ننظر إلى داخلنا وليس خارجنا، أن نخفف هروعنا من نشاط إلى آخر، وأن نمنح لأنفسنا وقتا كافيا من الصمت في كل يوم، لا نسمع فيه صوتا ولا ضجيجا ، أن نمنح أنفسنا عشرة دقائق من الصمت الخارجي، حتى تسنح لنا الفرصة كي ندخل إلى أعماقنا، أن نسمع صوتنا، أن نحاور قلبنا لنتعرف على أمنيتنا، أمنيتنا نحن وليس أمنية الآخرين لنا، أمنيتنا نحن دون تبعيتنا للآخرين، دون تبعية تلك الأماني المشهورة التي يتبعها كثير من الناس، أمنيتنا التي لم نجد الحرية في يوم الأيام ولم نجد الشجاعة لنعترف بها، امنيتنا التي انشغلنا عنها في زحمة امنيات الآخرين
أثبت العلم أن الطاقة لا تُفنى ولا تُستحدث بل تتحول من شكلٍ إلى آخر. كل شيء في الوجود له طاقة، كل مادة لها طاقة، الجزيئات لها طاقة والذرة لها طاقة، حتى مساحة الفراغ بين الجزيئات لها طاقة. الطاقة قوة لا مرئية، ولكنها قوة مؤثرة. لهذا نستطيع أن نشعر بها، وتستطيع أن تؤثر فينا. الطاولة لها طاقة والشجرة لها طاقة والطبيعة لها طاقة والجدار له طاقة وحتى الإنسان أيضا عبارة عن طاقة. نحن طاقة، كلماتنا طاقة، أفكارنا طاقة، فرحنا طاقة وحزننا طاقة. وحيث أن الطاقة لا تُفنى ولا تُستحدث، إذن فطاقتُنا تؤثر في الأشياء وفي الآخرين وفي أنفسنا. وكذلك فإن طاقة الأشياء المحيطة بنا والأشخاص الذين يدخلون في حيزنا يُؤثر فينا. في كثير من الأحيان ندخل إلى مكان به مجموعة من الناس، ونشعر بثقل الهواء، باكتئاب في قلبنا أو بعدم قدرتنا على التنفس وكأن المكان لا يوجد به أكسجين. ترى لماذا نشعر بعدم الارتياح فور دخولنا إلى هذا المكان؟ غالبا لا نجد الجواب ونحاول تناسي شعورنا واقناع أنفسنا بأننا
واهمون ولكن في الحقيقة نحن لسنا واهمون . السبب هو الطاقة التي تنتشر في هذا المكان،هل فكرنا يوما أن المكان، مليء بالطاقة. وما نشعر به هو شعورنا بهذه الطاقة؟ فالطاقة تُشعر ولا تُرى، وسنشعر بهذا الشعور الحزين نتيجة تأثرنا بالطاقة السلبية الموجودة لحظة دخولنا إلى المكان ، مثلا إن كان الناس يتجادلون مع بعضهم البعض، أو إن كانوا يكنون الكراهية لبعضهم البعض، إو إن كانوا يغتابون شخصا غائبا عن المكان
معرفتنا بأننا محاطون بالطاقة، وبأن طاقة الأشياء تؤثر علينا يجعلنا أكثر وعيا بنوعية الطاقة التي تؤثر فينا يوميا وبنتائجها. هل نشعربالفرح أم نشعر بالحزن، هل نشعر بالإيجابية أم نشعر باليأس، هل نشعر بالحيوية أم نشعر بالتعب،هل نشعر بالغضب أم نشعر بالرضاء وكذلك معرفتنا بأن الطاقة تؤثر فينا يجعلنا أكثر وعيا بالطاقة التي تكمن فينا والتي تؤثر أيضا علينا. الطاقة المحيطة بنا نشعر بها من خلال كل شيء نسمعه ونشاهده ونقرأه ونشمه ونلمسه. فمثلا، إن قرأنا في الجريدة خبرا محزنا تنتقل طاقة الكلمات إلينا ونشعر بالحزن، وإن شاهدنا فيلما كوميديا تنتقل طاقة الأحداث المضحكة إلينا فنشعر بالفرح ، وإن تمشينا في الطبيعة الخلابة تنتقل طاقة الأشجار إلينا فنشعر بالطمأنينة. وإن واجهنا إنسانا غاضبا تؤثرفينا طاقته السلبية فنشعر بالغضب أونشعر بالحزن. وإن قرأنا كلمات بها طاقة الأمل نشعر بالأمل وبالعكس، إن قرأنا كلمات بها طاقة اليأس والتشاؤم والإكتئاب نشعر بانقباض في قلبنا
في معظم الأحيان، ننسى أن كلماتَنا وأفكارَنا لها طاقة تؤثر علينا وتؤثر على الآخرين. كثير من الكلمات والأفكار لها طاقة سلبية مدمرة وكأنها قنبلة نووية، ولأننا نجهل مدى التدمير الذي نسببه نفجر في كل يوم قنبلة نووية في أنفسنا وفي الآخرين من خلال فكرة سلبية تخطر في ذهننا أو بكلمة سلبية تخرج من فمنا. من أهم الأشياء التي يجب علينا أن نفعلها كل يوم هي أن نختار نوعية الطاقة التي نريدها أن تؤثر علينا، والإختيار يبدأ دائما من عندنا لأننا نستطيع أن نبدأ بأنفسنا . نستطيع أن نملأ وجودنا بالطاقة الإيجابية من خلال اختيار الأفكار التي تملك طاقة إيجابية خلاقة وبناءة
جزيئة الأكسجين طاقة حرة، لا تتوقف، لا يقيد حركتها من شيء، تستمر في رحلتها من مكان إلى آخر وهي تسافر الآن في داخل جسمك. تتحرك بهدوء صوب رأسك. رأسك مليء بالأفكار. وكأنها حديقة زهور، مليئة بأفكار جميلة . افكار بناءة. أفكار إيجابيةأفكار خلابة. لاحظي جزيئة الأكسجين في رأسك. تمتلئ بهدوء بطاقة أفكارك. أفكارك الجميلة ، أفكارك الخلابة، أفكارك الإيجابية أفكارك البناءة. أفكارك تتمحور حول تحقيق الوحدة والسلام. تمتليء جزيئة الأكسجين بطاقة أفكارالوحدة والسلام. في المقابل تملأ جزيئة الأكسجين رأسك بطاقة الحب من قلبك. تملأ رأسك بطاقة الحياة والأمل من العالم الذي يحيط بك وبالآخرين، تملأ رأسك بطاقة القيام بعمل خلاق من أصابع يديك، تملأ رأسك بطاقة الهدوء والثبات والرسوخ من قدمك
جزيئة الأكسجين طاقة حرة، لا تتوقف، لا يقيد حركتها من شيء، تستمر في رحلتها من مكان إلى آخر. لاحظي الآن تسافر جزيئة الأكسجين خارج جسمك. تخرج من جسمك. زفير. لاحظيها وهي تخرج . تركت جزيئة الأكسجين بأعماقك طاقة الحياة من العالم الذي يحيط بك وبالآخرين في الخارج. هذا العالم الذي يجلس فيه اخرون معك. هذا المكان الذي أنت فيه، ويوجد معك في هذا الحيزأشخاص تعرفينهم، وربما أشخاص لا تعرفينهم. تخرج جزيئة الأكسجين من أعماقك وتنطلق إلى هذا الحيز المكاني الذي يوجد فيه آخرون معك. تخرج جزيئة الأكسجين إلى هذا البحر الذي يحيط بك وبالآخرين معاً. لاحظي تنفسك. تترك جزيئة الأكسجين جسمك ولكنك ملئتها بجميع طاقاتك الداخلية. ملئتها بطاقة الحب، ملئتها بطاقة القيام بعمل خلاق،ملئتها بطاقة الثبات والصمود، ملئتها بطاقة أفكارالمحبة والسلام
تخرج جزيئة الأكسجين من جسمك لتبدأ رحلتها في أعماق الأشخاص الآخرين الذين هم موجودون معك في هذا المكان، ويتنفسون معك الهواء الموجود في هذا الحيز. عدد لانهائي من الناس، سيستنشقون جزيئة الأكسجين التي ملئتها بطاقاتك. طاقة حبك، طاقة أفكارك عن المحبة والسلام. طاقاتك الداخلية سيتنفسها عدد لا نهائي من الكائنات. امتلأت جزيئة الأكسجين من أصابع يديك بطاقة القيام بعمل خلاق. والآن، ستسافر طاقتك الداخلية للقيام بعمل خلاق إلى عدد لا نهائي من المخلوقات التي ستسنشق جزيئة الأكسجين هذه وستتأثر بطاقتك. امتلأت جزيئة الأكسجين بطاقة الثبات والرسوخ من قدميك. ستسافر طاقة الثبات من داخلك إلى أعماق عدد لا نهائي من الناس الذين سيسنشقون جزيئة الأكسجين التي كانت بأعماقك. ستساعدهم طاقتك في بناء قدراتهم على الثبات والرسوخ
يتحكم بنا شعور الخوف من العالم الذي يحيط بنا والظروف التي نعيش فيها. يتغيرهذا الخوف بتغير المكان وتغير الزمان . يتغيرشعورنا بالخوف بتغير الأشخاص الذين يحيطون بنا. بالرغم من أننا نعيش خوفا مزمنا، يرافقنا في كل لحظة إلا أنه خوف متغير. خوفنا المزمن يسببه العالم الذي يحيط بنا. والعالم الذي يحيط بنا عالم متغير.ولكن شعورنا بالأمان ينبع من أعماقنا. من العالم الداخلي الثابت الذي خُلق معنا. في قلبنا موطن الحب نشعر بثقتنا في الله. نشعر بحب الله لنا. نشعر بحب الله لجميع خلقه.لا نشعر بالوحدة، نشعر بقربنا من الذي خلقنا. نشعر بحمايته لنا. نشعر برحمته. نشعر بكرمه. نشعر بالأمان في حضوره في قلبنا. يشعرنا حضوره في قلبنا بالأمان. نشعر بأننا بخير مادمنا معه. نشعر بأننا في أمان مادمنا في حمايته. نشعر بأننا بخير مادمنا نملكه. حب الله لنا حب أبدي، لا يتغير بتغير الزمان ولا يتغير بتغير المكان ولا يتغير بتغير العالم الذي يحيط بنا ولا يتغير بتغير الأشخاص من حولنا. حب الله لنا حب ثابت، حب
أزلي، لا يتغير بتغيرنا، ولا يتركنا وإن تركناه. حب الله نشعر به في قلبنا. في هذا العالم الذي بأعماقنا. لكي نتغلب على الخوف ونشعر بالأمان، علينا أن نعيش العالم الذي يحيط بنا من خلال قوانا الداخلية، قوة حب الله الذي يستوطن قلبنا